مسلسل أنا شهيرة ... أنا الخائن
إن كنت تحب المسلسلات الروائية - أي المأخوذ قصتها من رواية- عليك بمسلسل "أنا شهيرة ... أنا الخائن " ولكن عليك ألا بنفس الفخ الذي وقعت به أنا .. اقرأ الرواية ... ثم شاهد المسلسل ... حتماً هذا أفضل ...
مسلسل "أنا شهيرة أنا الخائن" مأخوذ عن رواية تحمل ذات الاسم للروائية "نور عبد المجيد" تتحدث فيها عن قصة شهيرة وقصة رؤوف وعائلاتهم وعن خيانة زوجها وردّ فعلها ..
كل حكاية تروي القصة على لسان أحدهما ... مرة على لسان شهيرة ... وأخرى على لسان رؤف ...
كان أول تعليق لي عند مشاهدة "أنا الخائن" أنه كان من المفروض أن تكون هي الحكاية الأولى ... هكذا نفهم الأحداث بشكل أفضل ...
شخصيات العمل :
عائلة مدحت:
مدحت: مدير مدرسة أحيل على التقاعد ... رجل من طراز المدرسين القدماء ... المحبوب .. الشديد اللين ... صاحب الرسالة والمبادئ الذي يقدم الأفضل لطلابه ... ابنته هي محور حياته الأول ... خاصة بعد وفاة زوجته "راوية" نهاية الحلقة الأولى ... "بالمناسبة اختيارهم للمثل كان رائعاً ... هذا الفنان يُبدع في دور الأب خاصة الأب لبنات"
شهيرة: دكتورة صيدلة ... فتاة طموحة جداً .. والدها كان أول أولوياتها بعد وفاة والدتها ... مضحية لمن تحب ... نشأت على مبادئ والدها وحافظت عليها قدر المستطاع ... أحبّت زوجها جداً ... تحمّلت غيابه الطويل عنها ... لكنها لم تتحمل أبداً أن تؤذيه ...
عائلة توفيق عبد الجواد:
توفيق: دكتور صيدلاني ... صاحب مصنع الأحرار لصناعة الأدوية ... لديه عقدة كبيرة من النساء ... يحب أولاده لكن لا يعبر عن حبه هذا إلا بأسوأ المواقف ... عمله هو محور حياته الأول ... مسيطر ويتخذ القرارات ويجبر الاخرين على الالتزام بها عن طريق قوة أسلوبه ..
رؤوف: دكتور صيدلاني ... شاب مسؤول جداً ... تحمل المسؤولية منذ طفولته ... أي منذ ولادة أخيه ووفاة أمه ... يحب والده لكن لا يحب سيطرته ويخافها في كثير من الأحيان ... يبحث دوماً عن الحب ... رجل قادر على منح الأمان لمن حوله ... خاصة أخوه وزوجته ...
طارق: شاب غير مسؤول ... مدير قسم التسويق في المصنع ...دائماً يقوم بالمشاكل ويلجأ بلا وعي لرؤوف ليحلها له ... لعوب ومهمل ... يحب أخاه جدا لكنه يحب نفسه أكثر ... يقدّس المال ... يسهر ويسكر دون أن يحسب حسابا لشيء ... الوحيد القادر على التعمرب من سيطرة والده وقوته ...
عائلة زياد:
زياد : دكتور صيدلاني يعمل مع شهيرة ووالدها بنفس الصيدليه ... أحب شهيرة لكن بعد قُرب زواجها تزوّج من "عزّة" بقي يحب شهيرة ... لكن مع الوقت تحوّل حبه لأذى .
عزّة : زوجة زياد وابنة خاله .. فتاة يتيمة نشأت في بيت عمها ... لم تكمل جامعتها لسيطرة زوجة عمها عليها ... لكنها كانت مثقفة وتقرأ الكثير من الكتل والروايات ... أحبت زياد منذ طفولتها ... مع الوقت أصبح الصديقة المقرّبة لشهيرة ...
غادة: أخت زياد ... معلمة في ذات المدرسة التي كان يديرها مدحت ... فتاة مرِحة جداً وأحياناً مجنونة ... تحب زوجها ... لكن وبعد الزواج تغيّرت و"ذبلت"
وائل: زوج غادة ... يعمل محاسب شديد التعلّق بأمه .... يحب غادة لكنه لا ينصفها ... دائماً يقف مع أمه ضدها ... أناني ولا يستطيع اتخاذ القرار المناسب لحياته ...
أم وائل : حماة مع مرتبة الشرف ... مسيطرة جداً ... كلامها مع غادة مثل "السم " ... تنظر لغادة أنها ستأخذ ابنها وتحرمها منه ... وتمنن عليهم بأي شيء بسيط تقدمه لهم ...
بهاء
أحد ضحايا تهور طارق وانعدام مسؤوليته ... صديق رؤوف وزهرة جداً ... وأكثر من يقف معه ... وقف مع شهيرة في أزمة رؤوف وساندها ...
زهرة:
منذ أن كانت طفلة كان رؤوف يحبها ... لكن بعد انتقالهم للقاهرة انقطعت أخبارهم ... ثم التقيا بعد سنوات طويلة ... أحبّت رؤوف جداً وأحبها هو أيضاً .. كانت مستودع أسراره وتقف معه في كل شيء ... إلا أن ماضي عائلتها كان سبباً لعدم ارتباطهما ... تزوّجت وسافرت ... وبعد سنوات التقى رؤوف بشهيرة ... ثم التقى بها
طاهر وهدان
صحفي حر ... يكتب عن هموم الناس ويُنصِف المظلوم .... بالأدلة والبراهين يكتب ضد كل فاسد مهما كان موقعه .. سُجِن لمدة وهناك تعرّف على رؤوف وعرف قصته ... ثم كتب عنه مقالاً بعنوان " د.رؤوف عبد الجواد ... فوق مستوى الشبهات "
تدور أحداث المسلسل حول شهيرة ورؤوف اللذان بعد أكبر أزمة في حياتهما اتجها للروائية "نور عبد المجيد" الكاتبة المفضلة لدى شهيرة وأخبرها كل منهما بحكايته..
بدأت قصة شهيرة بأيامها الأخيرة في الجامعة ... واستعدادها للماجستير ... مروراً بوفاة والدتها وافتتاح والدها صيدلية باسمها بالتعاون مع زياد ... ومن ثم تعارفها على رؤوف وزواجهما ... والمشاكل التي مرا بها إلى أن حصلت الخيانة ..
أما قصة رؤوف فقد بدأت بحكايته منذ الطفولة ... ومن قبل ميلاد أخيه طارق ... ومن ثم قفزة زمنية حين كبُر ... ولقاءه بزهرة ... مروراً بأزمة بهاء وفراق زهرة ... ثم لقاءه بعد ثلاث سنوات بشهيرة وقصة حبهما وزواجهما والمشاكل التي حصلت معهما ...
الفرق بين الرواية والمسلسل يكمن في التفاصيل وليس في القصة العامة ... القصة بشكل عام نفسها ... رؤوف مع جده وأمه ... قصة حبه لزهرة - ولو أنها مختلفة كلياً - لماذا رفض والده زهرة ... لقاؤه بشهيرة وزواجه منها ... أزمة السجن ... عودته والخيانة ...
في الرواية الكلمات تلامس القلب ... تصف الحالة ... تصف المشاعر ... لمن لم يشاهد المسلسل سيرسم في ذهنه صورة لشهيرة بملابسها كما تصفها الكاتبة ... الكلمات مبهجة وأحياناً مؤلمة ...
الرواية بإحساسها أقوى لمن تلامسهم الكلمة مثلي ... في الرواية لا نعرف الكثير عن خلفيات الشخصيات مثل زياد وعزة وبهاء .... في الرواية القصة بالأساس لرؤوف وشهيرة لا لغيرهما ...
في الرواية توفيق ليس قاسياً جداً مع شهيرة منذ البداية ... في الرواية لا وجود لنادية ... ولا لوائل ولا حتى تفاصيل ولو بسيطة عن غادة وحياتها ...
في المسلسل الإبداع يرسم التفاصيل العينية وتحويل الصور الفنية لصور عينيه ... في الرواية الإبداع يلامس القلب ... ورسم الكلمة ...
الخيانة ...
هي ليست عنوان القصة فقط ... بل هي تجسيد لعدة خيانات قد نعيشها ...
خيانة الصديق لصديقه ... خيانة الابن لأبيه وطعنه بظهر أخيه ... خيانة الرجل لصاحب الفضل عليه ... خيانة الزوج لزوجته ... وخيانة الزوجة لزوجها ...
أنواع الخيانة التي عرضها العمل لم تقتصر على خيانة الأزواج "الزنا" ... بل اتّسعت أكثر من ذلك ...
طالت بزياد الذي خان مدحت عندما اشتكى على رؤوف لسجنه بدلاً من أن يتحدث إليه ويخبره بمشاكل الدواء "بالمناسبة في الرواية زياد لم يقم بذلك " ... طالت الخيانة أيضاً طارق الذي خان والده بإدخال مواد مغشوشة للمصنع ... وخان رؤوف حينما كان يعرض عليه مادة فعالة ثم بعد أن يأخذ موافقته يشتري غيرها ...
الخيانة نحن نحياها لكن بأشكال عديدة ... وأحياناً نخون دون أن ندرك أو نشعر ...
وربما السؤال الذي دارت حوله الرواية والمسلسل "لماذا" هو أقسى الأسئلة ...
الخيانة لا تعالج بالخيانة
ربما كان هذا هو الدرس الأكبر من القصة ... أن هناك خائناً لا يعني أن ننتقم منه بأن نخون ... رؤوف صارح شهيرة لأنه ما تحمل خطأه .. أخذ منه الندم ما أخذ ... عكس طارق الذي اختفى بعد سجن أخيه بسبب أخطائه ...
السماح والغفران ليس بالأمر بالسهل
رؤوف سامح طارق على الرغم من سجن ثلاث سنوات ... حُرِم فيها من الوقوف بجانب زوجته وهي تلد ... حُرِم من رؤية ابنه ... حُرِم من والده وزوجته ... لكن شهيرة ما استطاعت أن تسامح طارق
بهاء أيضاً لم يستطع أن يسامحه على الرغم من أن رؤوف سانده وعالجه وبقي بجواره حتى تعافى ... لكنه لم يستطع أن يجمعه بيوم من الأيام مكان واحد مع طارق ...
أخطاؤنا بحق الآخرين وإن امتلأت قلوبنا بالندم قد لا تسمح لنا بطلب السماح منهم ... شهيرة ندِمت ... ندِمت حتى كانت تطلب الموت بالرواية ... لكنها ما استطاعت طلب السماح من رؤوف ..
ربما ما استطاعت حتى أن تغفر له وتنسى ما حصل ... وحتى لو فعلت ... أصبحت مشكلتها في خطئها وخيانتها لا بخيانته ...
لا يوجد شخص لا يخطئ ... وربما من قلت أخطاؤه ... كان حجمها كبيراً ... رؤوف وشهيرة كما صورتهما الرواية والمسلسل لم تكن لهما أخطاء تُذكر ... لكن حين حصلت كانت خطاً كبيراً ... ربما حينها تكون الضربة أقسى ... لكن لا ملائكة منزّهين على الأرض ...
كنت أتمنى أن تختلف النهاية ... أي لو تجمع "نور عبد المجيد" شهيرة برؤوف ويكون لها دور في حل مشكلتهما بالمسلسل على الأقل ...
بقي أن أنصح بقراءة الرواية قبل مشاهدة المسلسل ... وبقي لديّ أخيراً تساؤل ... لماذا الحكاية الأولى "أنا شهيرة" وليس "أنا الخائن" ... مع أن أصل الحكاية "أنا الخائن" ...
أغلب الأحداث لا تفهمها إلا بمشاهدة أو قراءة "أنا الخائن" ... ربما لجذب القارئ والمشاهد ..
لا أدري ...
العمل جميل ... لكنه مؤلم ... محبي النهاية الجميلة لا يناسبهم ... محبي القصص الجميلة سيستمتعون به بالتأكيد
ساجدة اشريم
تعليقات
إرسال تعليق